من خالد الشامي: قد تبدو للبعض سيركا حقيقيا او حالة من الهستيريا الجماعية تصيب الناس في هذا الجزء من العالم، وهذا الوقت من كل عام، الا ان مسلسلات رمضان اصبحت تشكل ظاهرة فريدة من نوعها تحتاج دراسة نفسية - سوسيولوجية.
ويتميز 'السيرك المسلسلاتي' هذا العام بخطوط رئيسية يمكن اجمال بعضها فيما يلي:
اولا: ضخامة الانتاج بميزانية قياسية في مصر بلغت مليارا ومائتين وثلاثا واربعين مليون جنيه تبدأ من (فرقة ناجي عطا الله : 70 مليون جنيه، باب الخلق: 40 مليون جنيه - الخواجة عبد القادر: 40 مليون جنيه) مرورا بـ( مع سبق الاصرار لغادة عبد الرازق: 35 مليونا) و(حكايات بنات: 18 مليونا) وانتهاء بـأقلها تكلفة (9 جامعة الدول لخالد صالح: خمسة ملايين).
وتتساوى ميزانية الانتاج بالكاد (كعكة الاعلانات) التي انخفضت عن العام الماضي بسبب حالة الفوضى واللانفلات الامني، ما دفع القنوات الى زيادة المساحة الاعلانية على حساب الدراما، فخرجت المسلسلات مهلهلة دراميا، وتحولت متابعتها الى عملية تعذيب مكتملة الاركان بسبب كثرة الاعلانات وتكرارها. اما سبب ضخامة الميزانية فيرجع غالبا الى 'تورم' اجور من يسمون بـ'النجوم' اذ تقاضى عادل امام ثلاثين مليونا عن مسلسله، اي ما يقارب نصف التكلفة الكلية، والغريب ان التضخم الانتاجي صاحبه فقر فني غير مسبوق في اغلب الاعمال.
ثانيا: تبرز ظاهرة التوريث بوضوح هذا العام، اذ اوكل عادل امام اخراج مسلسله الى نجله رامي، بينما قرر ان يجعل ابنه الثاني ممثلا فأعطاه دورا كبيرا في المسلسل نفسه، وكذلك فغل يحيى الفخراني الذي اسند الاخراج لنجله شادي، واعطى محمود عبد العزيز دورا لأبنه في مسلسل باب الخلق، وقام هيثم نجل الفنان الراحل احمد زكي ببطولة مسلسل (الصفعة)، وهؤلاء جميعا بلا خبرة فنية تذكر. بينما تحولت ابنة سمير غانم الى نجمة اعلانات ببطولة اعلان بيبسي. وشارك احمد نجل فاروق الفيشاوي في اعلان اخر، وحسب الاعلامية القديرة امال فهمي فقد اصبح العمل الفني والاعلامي شبيها بالعمل في (هيئة السكك الحديدية حيث يوظف كل شخص اقاربه).
ثالثا: ان مسلسل (فرقة ناجي عطا الله)، وان كان يثير السخرية الى حد الاشمئزاز غالبا والشفقة احيانا من الناحية الفنية، الا انه يمثل محاولة فاشلة للعزف على وتر الوطنية المصرية الحساس تجاه كل ما يتعلق باسرائيل، سعيا لاعادة انتاج ممثل ومشروع فلولي بالدرجة الاولى، اذ يجب ان نصدق عادل امام الذي ايدّ حصار غزة وقصفها مجاملة لنظام مبارك، وهو يشتم الاسرائيليين، بينما يحمل المسلسل دعوة ضمنية 'لمواجهة اسرائيل بالتطبيع معها'، وهذا انتهاك واضح وخطير لتعهدات النقابات والمجتمع المدني المصري في هذا الشأن، ينبغي مواجهته بالضغط على الحكومة لوقف عرض المسلسل فورا. وقد كانت الفكرة ان يتم إنتاج المسلسل كفيلم سينمائي وتتولى إنتاجه قناة اللورد التلفزيونية الا انها انسحبت من الموضوع خوفا من أن تتعرض لخسارة مالية كبيرة بعد سقوط فيلم 'بوبوس' لعادل امام ، إضافة إلى انتهاء العلاقة بينه وشركة غود نيوز للاعلامي عماد اديب، وبالتالي فإن الفيلم لم يجد شركة تنتجه فتقرر تحويله لمسلسل تلفريوني يقوم على إنتاجه التلفزيون المصري في عهد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ورصدت له ميزانية ضخمة وصلت إلى سبعين مليون جنيه بالشراكة مع (M.B.C) وقناة الظفرة،إلا أن تغيير النظام وسقوط الرئيس مبارك انعكس على المسلسل حيث اشترط التلفزيون المصري قراءة النص ومراقبة الحلقات، وهذا بالتأكيد انعكس على حلقات المسلسل. وهو إنتاج مشترك بين قطاع الإنتاج والمنتج صفوت غطاس، اي انه مشروع فلولي من بدايته.
رابعا: اما مسلسل (عمر) ذو الانتاج الضخم، والذي اثار جدلا واسعا بسبب ظهور صحابة الرسول الكريم لاول مرة، فإنه يمثل علامة في تاريخ الدراما لهذا السبب واسباب اخرى. اذ انه بدا للبعض وقد جعل الدراما للمرة الاولى ايضا ساحة للصراع السياسي والطائفي الذي تشهده المنطقة، وتساءل البعض لماذا لم يتم اختيار ابي بكر اول الخلفاء الراشدين ليكون باكورة هذا النوع من المسلسلات، وان كان تم اختيار عمر فاتح بلاد الفرس والذي قتل على يدي ابي لؤلؤة المجوسي، لتوجيه رسالة سياسية معينة، ورغم اللغة الراقية التي كتب بها المسلسل الا انه كان يحتاج الى مزيد من (الانسنة) لشخصية عمر، فكان جديرا ان تظهر عائلته بما في ذلك والدته وزوجته واخواته بشكل اكبر ، لنتعرف اليه بشكل افضل، بدلا من ان يأتي المسلسل ذكوريا تاريخيا خالصا.
واخيرا فإن (التهافت على سبوبة رمضان) اصبح لا يتورع عن ابتذال اي شيء بما في ذلك الدين نفسه لتحقيق مكاسب مادية، من الادعية الى الآيات القرآنية الى مسحوق (التايغر) ذي المفعول السحري في الفراش، حتى اصبح مثل (سوق الثلاثاء) الشعبي في القاهرة الذي يباع فيه اي شيء وكل شيء. انه رمضان كريم حقا.
ويتميز 'السيرك المسلسلاتي' هذا العام بخطوط رئيسية يمكن اجمال بعضها فيما يلي:
اولا: ضخامة الانتاج بميزانية قياسية في مصر بلغت مليارا ومائتين وثلاثا واربعين مليون جنيه تبدأ من (فرقة ناجي عطا الله : 70 مليون جنيه، باب الخلق: 40 مليون جنيه - الخواجة عبد القادر: 40 مليون جنيه) مرورا بـ( مع سبق الاصرار لغادة عبد الرازق: 35 مليونا) و(حكايات بنات: 18 مليونا) وانتهاء بـأقلها تكلفة (9 جامعة الدول لخالد صالح: خمسة ملايين).
وتتساوى ميزانية الانتاج بالكاد (كعكة الاعلانات) التي انخفضت عن العام الماضي بسبب حالة الفوضى واللانفلات الامني، ما دفع القنوات الى زيادة المساحة الاعلانية على حساب الدراما، فخرجت المسلسلات مهلهلة دراميا، وتحولت متابعتها الى عملية تعذيب مكتملة الاركان بسبب كثرة الاعلانات وتكرارها. اما سبب ضخامة الميزانية فيرجع غالبا الى 'تورم' اجور من يسمون بـ'النجوم' اذ تقاضى عادل امام ثلاثين مليونا عن مسلسله، اي ما يقارب نصف التكلفة الكلية، والغريب ان التضخم الانتاجي صاحبه فقر فني غير مسبوق في اغلب الاعمال.
ثانيا: تبرز ظاهرة التوريث بوضوح هذا العام، اذ اوكل عادل امام اخراج مسلسله الى نجله رامي، بينما قرر ان يجعل ابنه الثاني ممثلا فأعطاه دورا كبيرا في المسلسل نفسه، وكذلك فغل يحيى الفخراني الذي اسند الاخراج لنجله شادي، واعطى محمود عبد العزيز دورا لأبنه في مسلسل باب الخلق، وقام هيثم نجل الفنان الراحل احمد زكي ببطولة مسلسل (الصفعة)، وهؤلاء جميعا بلا خبرة فنية تذكر. بينما تحولت ابنة سمير غانم الى نجمة اعلانات ببطولة اعلان بيبسي. وشارك احمد نجل فاروق الفيشاوي في اعلان اخر، وحسب الاعلامية القديرة امال فهمي فقد اصبح العمل الفني والاعلامي شبيها بالعمل في (هيئة السكك الحديدية حيث يوظف كل شخص اقاربه).
ثالثا: ان مسلسل (فرقة ناجي عطا الله)، وان كان يثير السخرية الى حد الاشمئزاز غالبا والشفقة احيانا من الناحية الفنية، الا انه يمثل محاولة فاشلة للعزف على وتر الوطنية المصرية الحساس تجاه كل ما يتعلق باسرائيل، سعيا لاعادة انتاج ممثل ومشروع فلولي بالدرجة الاولى، اذ يجب ان نصدق عادل امام الذي ايدّ حصار غزة وقصفها مجاملة لنظام مبارك، وهو يشتم الاسرائيليين، بينما يحمل المسلسل دعوة ضمنية 'لمواجهة اسرائيل بالتطبيع معها'، وهذا انتهاك واضح وخطير لتعهدات النقابات والمجتمع المدني المصري في هذا الشأن، ينبغي مواجهته بالضغط على الحكومة لوقف عرض المسلسل فورا. وقد كانت الفكرة ان يتم إنتاج المسلسل كفيلم سينمائي وتتولى إنتاجه قناة اللورد التلفزيونية الا انها انسحبت من الموضوع خوفا من أن تتعرض لخسارة مالية كبيرة بعد سقوط فيلم 'بوبوس' لعادل امام ، إضافة إلى انتهاء العلاقة بينه وشركة غود نيوز للاعلامي عماد اديب، وبالتالي فإن الفيلم لم يجد شركة تنتجه فتقرر تحويله لمسلسل تلفريوني يقوم على إنتاجه التلفزيون المصري في عهد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ورصدت له ميزانية ضخمة وصلت إلى سبعين مليون جنيه بالشراكة مع (M.B.C) وقناة الظفرة،إلا أن تغيير النظام وسقوط الرئيس مبارك انعكس على المسلسل حيث اشترط التلفزيون المصري قراءة النص ومراقبة الحلقات، وهذا بالتأكيد انعكس على حلقات المسلسل. وهو إنتاج مشترك بين قطاع الإنتاج والمنتج صفوت غطاس، اي انه مشروع فلولي من بدايته.
رابعا: اما مسلسل (عمر) ذو الانتاج الضخم، والذي اثار جدلا واسعا بسبب ظهور صحابة الرسول الكريم لاول مرة، فإنه يمثل علامة في تاريخ الدراما لهذا السبب واسباب اخرى. اذ انه بدا للبعض وقد جعل الدراما للمرة الاولى ايضا ساحة للصراع السياسي والطائفي الذي تشهده المنطقة، وتساءل البعض لماذا لم يتم اختيار ابي بكر اول الخلفاء الراشدين ليكون باكورة هذا النوع من المسلسلات، وان كان تم اختيار عمر فاتح بلاد الفرس والذي قتل على يدي ابي لؤلؤة المجوسي، لتوجيه رسالة سياسية معينة، ورغم اللغة الراقية التي كتب بها المسلسل الا انه كان يحتاج الى مزيد من (الانسنة) لشخصية عمر، فكان جديرا ان تظهر عائلته بما في ذلك والدته وزوجته واخواته بشكل اكبر ، لنتعرف اليه بشكل افضل، بدلا من ان يأتي المسلسل ذكوريا تاريخيا خالصا.
واخيرا فإن (التهافت على سبوبة رمضان) اصبح لا يتورع عن ابتذال اي شيء بما في ذلك الدين نفسه لتحقيق مكاسب مادية، من الادعية الى الآيات القرآنية الى مسحوق (التايغر) ذي المفعول السحري في الفراش، حتى اصبح مثل (سوق الثلاثاء) الشعبي في القاهرة الذي يباع فيه اي شيء وكل شيء. انه رمضان كريم حقا.
0 تعليقات
أهلا وسهلا ومرحبا بك في موقع تغطية مباشر : ضع ردا يعبر عن اناقة أخلاقك ، سنرد على اي استفسار نراه يحتاج الى اجابة ، ادعمنا برأيك وضع تعليقا للتشجيع ..