لقد علمنا ديننا الحنيف أن نحسن إلى من أحسن إلينا، ونكافئه بأفضل مما لدينا، يقول الله تعالى:( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) وفضل الوالدين علينا عظيم وخيرهما عميم، فالوالدان هما سبب وجود الإنسان، وبرعايتهما اشتد عوده، وقوي عضده، وصار فردا نافعا، فهما عطاء من المنان، ورمز للدفء والحنان، وطريق العبد إلى الجنان، وبرهما أمر قضاه الرحمن، قال تعالى:( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)
وهو عهد وميثاق، أخذه الله عز وجل على العباد، قال تعالى:( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا) وقد قرنه الله تعالى بطاعته فقال سبحانه:( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)
فالوالدان أولى البرية بالمحبة، وخير الناس بحسن الصحبة، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:« أمك». قال: ثم من؟ قال:« ثم أمك». قال: ثم من؟ قال :«ثم أمك». قال: ثم من؟ قال:« ثم أبوك».
نعم أيها المؤمن، فمن يكون أولى بالمعروف والإحسان والبر والطاعة، من أمك الشفيقة، الرحيمة الرفيقة، التي تحملت أشد أصناف الآلام مدة حملك، وقاست كثيرا عند وضعك، حملتك وهنا على وهن، قال سبحانه: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا )
أضعفت قوتها، وتسببت في وهنها، أرضعتك حولين كاملين، وتنازلت من أجلك عن راحتها، تسهر على نظافتك والعناية بك، لا تنام من أجل مرضك، وربما تألمت أكثر منك، هذا هو شأن الأم وحالها مع الولد، فالزم برها، فإن الجنة تحت قدميها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارئ يقرأ فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا حارثة بن النعمان». فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« كذاك البر، كذاك البر». وكان أبر الناس بأمه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.
أما الأب فقد فرح بمجيئك وسعى جاهدا لإسعادك، وكد وتعب من أجلك، فأحسن إليك في سن ضعفك، وأنفق عليك من نفائس أمواله، وبذل الوقت والجهد من أجل تربيتك وتوجيهك، فللأب منزلة من سلكها نال الحبور وأتاه الهناء والسرور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الوالد أوسط أبواب الجنة، فحافظ على والديك أو اترك»
عباد الله: لقد كان لبر الوالدين في حياة أنبياء الله ورسله شأن عظيم، فهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام قد بلغ في البر غايته، قال الله عز وجل يصف حاله مع أبيه:" واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا* إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا* يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا* يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا"
ويصف القرآن الكريم لنا بر سيدنا يحيى عليه السلام بوالديه، فيقول الله تعالى:( وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا) وقد خلد لنا القرآن الكريم بر سيدنا عيسى عليه السلام بأمه الصديقة الطاهرة العفيفة، فقال تعالى على لسان سيدنا عيسى عليه السلام:( وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا)
أيها المسلمون: إن بر الوالدين يكون بطاعتهما وشكرهما، فمن شكر والديه فقد شكر الله سبحانه، قال تعالى:( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) قال سفيان بن عيينة: من دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما. ويكون ببذل المعروف لهما والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال، فنخاطبهما باللين واللطف والقول الكريم والعبارة الحسنة، ولا نستخدم أية كلمة تؤذي شعورهما أو تخل بحسن المودة لهما، قال الله تعالى:( فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) ونكون في خدمتهما وقضاء حوائجهما ونقوم على شؤونهما وتيسير أمورهما، وننفق عليهما بنفس طيبة وقلب راض وصدر منشرح، ومهما قدمنا للوالدين فلن نوفيهما حقهما، قال صلى الله عليه وسلم :« لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» وبرهما عند كبرهما وضعفهما سبب لدخول الجنة، فمن قصر في ذلك فاته دخول الجنة وأرغم الله أنفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه». قيل: من يا رسول الله؟ قال :« من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة».
ولا يتوقف البر بالوالدين على الحياة، بل يتعداه إلى ما بعد الممات، فندعو لهما بالرحمة والمغفرة، وننفذ عهدهما، ونصل أرحامهما، ونكرم أصدقاءهما، فقد قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله هل بقى من بر أبوى شىء أبرهما به بعد موتهما؟ قال:« نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما».
فاللهم ارزقنا البر بآبائنا وأمهاتنا، واجعلنا حافظين لودهم، حريصين على مرضاتهم وإسعادهم، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن لبر الوالدين آثارا اجتماعية عظيمة، ففيه تتجلى صلة الأرحام في أرقى صورها، وبه تبسط الأرزاق، وتخلد الآثار، وتتقوى أواصر التضامن بين أفراد الأسرة والمجتمع، فالبر بركة في العمر، وزيادة في الأجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« لا يزيد في العمر إلا البر». ومن كان بارا بوالديه رزقه الله تعالى بر ذريته، قال صلى الله عليه وسلم:" بروا آباءكم تبركم أبناؤكم" فيا أيها الأبناء احرصوا على بر آبائكم وإسعادهم ونيل رضاهم، فإن رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين.
وهو عهد وميثاق، أخذه الله عز وجل على العباد، قال تعالى:( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا) وقد قرنه الله تعالى بطاعته فقال سبحانه:( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)
فالوالدان أولى البرية بالمحبة، وخير الناس بحسن الصحبة، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:« أمك». قال: ثم من؟ قال:« ثم أمك». قال: ثم من؟ قال :«ثم أمك». قال: ثم من؟ قال:« ثم أبوك».
نعم أيها المؤمن، فمن يكون أولى بالمعروف والإحسان والبر والطاعة، من أمك الشفيقة، الرحيمة الرفيقة، التي تحملت أشد أصناف الآلام مدة حملك، وقاست كثيرا عند وضعك، حملتك وهنا على وهن، قال سبحانه: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا )
أضعفت قوتها، وتسببت في وهنها، أرضعتك حولين كاملين، وتنازلت من أجلك عن راحتها، تسهر على نظافتك والعناية بك، لا تنام من أجل مرضك، وربما تألمت أكثر منك، هذا هو شأن الأم وحالها مع الولد، فالزم برها، فإن الجنة تحت قدميها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارئ يقرأ فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا حارثة بن النعمان». فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« كذاك البر، كذاك البر». وكان أبر الناس بأمه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.
أما الأب فقد فرح بمجيئك وسعى جاهدا لإسعادك، وكد وتعب من أجلك، فأحسن إليك في سن ضعفك، وأنفق عليك من نفائس أمواله، وبذل الوقت والجهد من أجل تربيتك وتوجيهك، فللأب منزلة من سلكها نال الحبور وأتاه الهناء والسرور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الوالد أوسط أبواب الجنة، فحافظ على والديك أو اترك»
عباد الله: لقد كان لبر الوالدين في حياة أنبياء الله ورسله شأن عظيم، فهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام قد بلغ في البر غايته، قال الله عز وجل يصف حاله مع أبيه:" واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا* إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا* يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا* يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا"
ويصف القرآن الكريم لنا بر سيدنا يحيى عليه السلام بوالديه، فيقول الله تعالى:( وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا) وقد خلد لنا القرآن الكريم بر سيدنا عيسى عليه السلام بأمه الصديقة الطاهرة العفيفة، فقال تعالى على لسان سيدنا عيسى عليه السلام:( وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا)
أيها المسلمون: إن بر الوالدين يكون بطاعتهما وشكرهما، فمن شكر والديه فقد شكر الله سبحانه، قال تعالى:( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) قال سفيان بن عيينة: من دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما. ويكون ببذل المعروف لهما والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال، فنخاطبهما باللين واللطف والقول الكريم والعبارة الحسنة، ولا نستخدم أية كلمة تؤذي شعورهما أو تخل بحسن المودة لهما، قال الله تعالى:( فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) ونكون في خدمتهما وقضاء حوائجهما ونقوم على شؤونهما وتيسير أمورهما، وننفق عليهما بنفس طيبة وقلب راض وصدر منشرح، ومهما قدمنا للوالدين فلن نوفيهما حقهما، قال صلى الله عليه وسلم :« لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» وبرهما عند كبرهما وضعفهما سبب لدخول الجنة، فمن قصر في ذلك فاته دخول الجنة وأرغم الله أنفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه». قيل: من يا رسول الله؟ قال :« من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة».
ولا يتوقف البر بالوالدين على الحياة، بل يتعداه إلى ما بعد الممات، فندعو لهما بالرحمة والمغفرة، وننفذ عهدهما، ونصل أرحامهما، ونكرم أصدقاءهما، فقد قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله هل بقى من بر أبوى شىء أبرهما به بعد موتهما؟ قال:« نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما».
فاللهم ارزقنا البر بآبائنا وأمهاتنا، واجعلنا حافظين لودهم، حريصين على مرضاتهم وإسعادهم، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن لبر الوالدين آثارا اجتماعية عظيمة، ففيه تتجلى صلة الأرحام في أرقى صورها، وبه تبسط الأرزاق، وتخلد الآثار، وتتقوى أواصر التضامن بين أفراد الأسرة والمجتمع، فالبر بركة في العمر، وزيادة في الأجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« لا يزيد في العمر إلا البر». ومن كان بارا بوالديه رزقه الله تعالى بر ذريته، قال صلى الله عليه وسلم:" بروا آباءكم تبركم أبناؤكم" فيا أيها الأبناء احرصوا على بر آبائكم وإسعادهم ونيل رضاهم، فإن رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين.
0 تعليقات
أهلا وسهلا ومرحبا بك في موقع تغطية مباشر : ضع ردا يعبر عن اناقة أخلاقك ، سنرد على اي استفسار نراه يحتاج الى اجابة ، ادعمنا برأيك وضع تعليقا للتشجيع ..