هَا
قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمُ الشَّانِ، أَلاَ وَهُوَ شَهْرُ
شَعْبَانَ، فِيهِ تَتَنَزَّلُ الرَّحْمَةُ مِنَ اللهِ، وَقَدْ عَظَّمَهُ
رَسُولُنَا r
بِصَالِحِ الْعَمَلِ، وَاجْتَهَدَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَلاَ كَلَلٍ،
شَهْرٌ كَرِيمٌ بَيْنَ شَهْرَيْنِ عَظِيمَيْنِ، يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ،
وَالْغَفْلَةُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ أَشَدُّ وَأَكْثَرُ، فَالنَّاسُ
مُنْشَغِلُونَ بِالإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ وَتَرْفِيهِهَا،
وَبِالْحَوَادِثِ السِّيَاسِيَّةِ وَأَخْبَارِهَا، وَبِالْفِتَنِ الَّتِي
تَحُلُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلأْوَائِهَا، لَكِنَّ النَّبِيَّ r لَهُ مَنْهَجٌ آخَرُ فِي التَّعَامُلِ مَعَ ذَلِكَ، فَمْنَهَجُ رَسُولِنَا r
هُوَ اقْتِنَاصُ الْفُرَصِ وَاسْتِغْلاَلُهَا، لاَ يَفُوتُ
عَلَيْهِ
شَهْرٌ كَرِيمٌ، أَوْ عَمَلٌ صَالِحٌ عَظِيمٌ؛ إِلاَّ وَقَدْ ضَرَبَ فِيهِ
بِسَهْمٍ، كَانَ النَّبِيُّ r يَسْتَغِلُّ هَذَا الشَّهْرَ بِصِيَامِهِ؛ حَتَّى إِنَّ الصَّحَابَةَ لَحَظُوهُ، فَاسْتَفْهَمُوا مِنْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟ قَالَ: « ذَلِكَ
شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ
شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ
أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ]، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: « مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ r اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَاماً فِي شَعْبَانَ».
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:
إِنَّ
شَهْرَ شَعْبَانَ كَالتَّهْيِئَةِ وَالتَّوْطِئَةِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ،
وَلذَلِكَ شُرِعَ فِيهِ صِيَامُ النَّافِلَةِ، وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ
يُسَمِّي هَذَا الشَّهْرَ شَهْرَ الْقُرَّاءِ؛ لاِنْكِبَابِهِمْ عَلَى
الْقُرْآنِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ شَهْرَ شَعْبَانَ: شَهْرَ الْغَرْسِ
وَالسَّقْيِ؛ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْحَصَادَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ
الأَكْبَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ، فَلْتَجْتَهِدُوا
شَهْرَكُمْ هَذَا، وَلْتُرُوا اللهَ مِنْ أَنُفُسِكُمْ عَزِيمَةً وَقُوَّةً
وَإِقْدَاماً: تَنَالُوا جَنَّةً وَثَنَاءً وَسَلاَماً، قَالَ اللهُ
تَعَالَى: ) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ
عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ
لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ( [البينة:7- 8].
0 تعليقات
أهلا وسهلا ومرحبا بك في موقع تغطية مباشر : ضع ردا يعبر عن اناقة أخلاقك ، سنرد على اي استفسار نراه يحتاج الى اجابة ، ادعمنا برأيك وضع تعليقا للتشجيع ..