لقد حقق الأدب الرومانسي تقدماً أدبياً في الفكر الأوروبي
والعربي، وأصبح يشكل عدة اتجاهات واهتمامات عديدة ، بل هي في نظري العلامة
المميزة في ميدان الدراسات الأدبية، فالرومانسية تمثل الجمال الفكري
والروحي
والنفسي والطبيعي والنضالي على صعيد الأزمنة المختلفة، بغية قضية نبيلة، بل إنها تخلق التوازن بين التناقضات في زمن طغت فيه المادة على الروح، فهي فكرة جانحة للانعتاق من التقاليد الاجتماعية المكبلة بالقيود والقوانين المصطنعة نحو الانطلاق الروحي في جل الأشياء ببساطة ورقة وشفافية، لذا اخترت لتقريري موضوع"الأدب الرومانسي" .
وسوف أطرح في تقريري هذا: تعريف الرومانسية،العوامل التي أدت إلى ظهورها، عوامل انتقال الرومانسية إلى الوطن العربي، المدارس التي عززت هذا الأدب، بالإضافة إلى الفرق بين الرومانسية العربية والغربية، والقضايا التي تناولها هذا المذهب، وملامح المدرسة الرومانسية، وأخيراً مثال على الشعر الرومانسي.
ماهي الرومانسية؟
الرومانسية،الرومانطيقية، الرومانتيكية ،كلمات ثلاث يؤدين معنى واحداً، وينصرفن إلى ذلك المذهب الأدبي الذي ظهر في أوروبا- وبخاصة في فرنسا- بعد قرن ونصف من ظهور الكلاسيكية وذلك في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، والرومانسية يقابلها الواقع وهي مشتقة من رومانس ورومانسي، وهي شيوب العاطفة والاستسلام للمشاعر والاضطراب النفسي والفردية والذاتية بل هي عالم الخيال والحلم(1)، وقد عرفت الرومانسية "بالابتداعية أو الإبداعية" بسبب أنها تعد ابتداعاً في المذهب الكلاسيكي، وتقويضاً لمبادئه وأركانه (2) ، كما عرفت "بالمذهب التعبيري " ويراد به التعبير عن عواطف الأديب وعوالمه الذاتية(3).
ما العوامل التي أدت إلى ظهور الرومانسية؟
أن الشاب الفرنسي خرج من الثورة كئيباً، إذ لم يستطع نابليون أن يحقق أحلامه في إمبراطورية ضخمة، فسرى الشعور بالحزن عند الشعراء الفرنسيي(4).
اكتشاف شكسبير وتأثير أدبه الذي لم يتقيد بالوحدات الثلاث (وحدة الزمان والمكان والحدث) ولم يلتزم بمبدأ الفصل بين الأنواع التي كان اليونانيون والكلاسيكيون الجدد يتقيدون بها، بالإضافة إلى ما في أبده من قدرة على التحليل ووصف العواطف الإنسانية والأخلاق البشرية.
الرحلات والأسفار إلى عالم الشرق الساحر حيث أطلق خيال الأوربيين في الحلم بحياة خير من حياتهم المادية، فلقد كتب الرحالة عن حكمة المصريين، ووصفوا سحر بغداد، وأخبروا عن الهند، بما فيها من عادات وتقاليد غربية (5).
الرغبة في التخلص من سيطرة الآداب الإغريقية والرومانية والكلاسيكية وتقليدها ومحاكاتها والسعي لتحقيق الفرد وتحقيق وجوده بما يصوره من بواعثه النفسية وما يجلو من معاني الطبيعة من حوله (6).
(1) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير،ص19 ص20 إصدار اتحاد كتاب وأدباء الإمارات،1999 ، الطبعة الأولى www.rcenter.net/phpBB2/viewtopic.php?t=278 - 82k (2)
(3) http://adab.somee.com/dorouss_jaddida/10n.htm
(4) الأدب العربي الحديث في مصر، شوقي ضيف، ص60، إصدار دار المعارف، الطبعة الثالثة عشرة http://adab.somee.com/dorouss_jaddida/10n.htm(5)
(6) الأدب العربي الحديث في مصر،المرجع نفسه..(بتصرف)
عوامل انتقال الأثر الرومانسي إلى العالم العربي؟
ظهر الأدب الرومانسي في الوطن العربي في الربع الأول من القرن العشرين، وذلك لأسباب كثيرة منها:
المعاهد والكليات الأجنبية في الوطن العربي، مثل الجامعة اليسوعية في بيروت.
هجرة كثير من الأدباء العرب إلى أوروبا نظراً لسوء الحالة الاقتصادية.
سفر البعثات العربية إلى أوروبا لطلب العلم .
نشاط حركة الترجمة من الآداب الأوروبية إلى الأدب العربي مما أدى إلى إنشاء جيل من الأدباء العرب اختلطوا بأدباء الغرب وأسسوا جمعيات أدبية ظهر فيها هذا الأثر.
أن القالب الأدبي الكلاسيكي، لم يعد يحسن استيعاب مضامين العواطف الإنسانية الجديدة، وكذلك التطـور الســـياسي والاجتــماعي والفكـري (1)
وبتأثير ذلك ظهر الاتجاه الرومانسي في الأدب العربي الحديث، وكان أول من دعا إليه "خليل مطران".
المدارس التي عززت الاتجاه الرومانسي في الشعر العربي الحديث:
أولها: مدرسة شعراء الديوان-شكري والمازني والعقاد-، وقد دعوا إلى شعر الوجدان وأكدوا وحدة القصيدة.
ثانيتها: مدرسة أبولو التي كونها الشاعر الكبير الدكتور أبو شادي وقد دعا إلى الأصالة والفطرة الشعرية والعاطفة الصادقة.
ثالثتها: مدرسة المهجريين وقد أكدوا الدعوة إلى التجديد(2).
(1) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير، إصداراتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الطبعة الأولى 1999، ص27، (بتصرف)
(2) دراسات في الأدب العربي الحديث ومدارسه، د.محمد عبدالمنعم خفاجي،ج 1 ، دار الجيل بيروت، الطبعة الأولى، ص(41-42) (بتصرف)
بين الرومانسية الغربية والعربية:
1- الرومانسية الغربية كانت ذات رسالة تنطوي على"ثورة اجتماعية فنية"في مواجهة الكلاسيكية، وارتبط الدور الاجتماعي الآخذ بيد الفرد، والمبالغة في إظهار الذات بالعواطف، وتبدو نظرتهم للكون من حنايا الطبيعة إلى جانب النزعة الفلسفية.
2- الرومانسية العربية تحاكي الرومانسية الغربية بعدما أدت دورها، فاعتنت الرومانسية بالأمور الذاتية وتناولت اغتراب الإنسان العربي عن واقعه، وسيطرة جنسيات غربية عنه في وطنه، والتعبير عن موقف الرومانسية واحد، ألا وهو "العاطفة " التي تحمل المفارقات من ( الحزن- الألم- الاغتراب- الفراق- الهجر- النجوى-....). وفي سنة 1919م قامت ثورة مصر بقيادة سعد زغلول، فارتبطت الرومانسية بالحس الوطني الذي يقاوم الاستعمار (1)
القضايا الموضوعية التي تناولها الأدب الرومانسي :
1 ـ الدين: يلاحظ القارئ لأشعار الرومانسيين أنهم أكثر ميلاً إلى الدين من المذهب الكلاسيكي السابق، وهذا ما ينسجم وطابع التوجه العاطفي لديهم، فقد شدهم عالم الروح وغموضهِ وأسرارهِ.
2 ـ الطبيعة: مثل الميل إلى الطبيعة لدى الرومانسيين مرحلة حضارية جسدتها فكرة الثورة على القيود والتقاليد والظلم، وذلك منذ أن دعا "جان جاك روسو" إلى أن يتعلم الإنسان من الطبيعة مباشرة، وليس مما اعتاده الناس من مواصفات، وفي الغالب فإنهم يتناولون من الطبيعة مناظرها الكئيبة التي تتلاءم مع أحاسيسهم كالعواصف والقمر الشاحب والليالي المظلمة، والأمواج الهائجة، والرومانسيون لا يحبون الطبيعة فحسب، بل يعدونها صديقة لهم تشاركهم مشاركة روحية وقلبية.
(1) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير، إصداراتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الطبعة الأولى 1999،ص(20-21) ،بتصرف
3 ـ الحب والمرأة: تختلف نظرة الرومانسيين للحب والمرأة عن سابقيهم الكلاسيكيين الذين كانوا يصدرون عن طابع العقل، فينظرون إلى الحب على أنه نوع من الهوى، أما الرومانسيون فقد قادهم التوجه العاطفي إلى النظرة إلى الحب على أنه عاطفة ملهمة وفضيلة كبرى، ونتيجة لهذا ارتفعت مكانة المرأة لديهم فصارت ملاكاً نزل من السماء لينقي النفوس ويطهرها، ويقربها إلى الله، ولكن هذا كان يقترن في بعض الأحيان بالنظر إليها إلى أنها شيطان غاو وكائن خائن، خاصة لدى الشعراء الذين فشلوا في حبهم أو هجرتهم نساؤهم، أو خانتهم حبيباتهم (1).
ملامح وخصائص المدرسة الرومانسية:
غلبة الخيال والعاطفة.
التجديد والابتكار في الأسلوب والألفاظ.
الوحدة العضوية (الأفكار والعاطفة والموسيقى).
ظهور شخصية الشاعر ،فهي تعبير عن ذات الأديب ونوازعه (2)
اللغة فيها قريبة من لغة الحياة اليومية.
تعدد الأساليب، وتنويع القافية
يقل عند الرومانسيين تشخيصهم للمعاني المجردة(3).
(1) http://adab.somee.com/dorouss_jaddida/10n.htm(بتصرف)
(2) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير، إصدار اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الطبعة الأولى 1999، ص26
(3) الرومانتيكية، الدكتور محمد غنيمى هلال، إصدار نهضة مصر للنشر،ص 212 ص214
من أشعار المدرسة الرومانسية:
يقول أبو القاسم الشابي:
ها أنا ذاهب إلى الغاب يا شعبي
لأقضي الحياة وحدي بيأسي
ها أنا ذاهب إلى الغاب على
في صميم الغابات أدفن بؤسي
ثم أنساك ما استطعت فما أنت
بأهل لخمرتي ولكأسي
سوف أتلو على الطيور أناشيدي
وأفضي لها بأحزان نفسي
فهي تدري معنى الحياة وتدري
إن مجد النفوس يقظة حسي
ثم تحت الصنوبر الناضر الحلو
تحط السيول حفرة رمسي
وتظل الطيور تغلو على قبري
ويشدو النسيم فوقي بهمس
وتظل الفصول تمشي حوالي
كما كن في غضارة أمسي
فهو يهرب من الواقع الذي لا ينسجم ومثله وطموحاته، ويثور على المجتمع، ولكنها ثورة سلبية، ولهذا تراه يرتاح إلى العيش في الغاب بعيداً عن الظلم الاجتماعي، تطلعاً إلى الحرية والبراءة، وبحثاً عن القيم المفقودة في المجتمع، بل تشنيعاً بالبشر الذين لا يقدرون قيمة الشاعر ذي القلب النبوي، والروح العبقري.
إنه ارتياح إلى الطبيعة في هذه الحياة، حيث تظل رموز هذه الطبيعة من الصنوبر والسيول والطيور والنسيم، بل الفصول كلها تغني لهذا الزائر الذي أحبها وأفنى حياته فيها.
الخاتمة
وختاما..ً رأينا كيف قامت الثورة الرومانسية، فحلت محل الكلاسيكية في مختلف الميادين الأدبية، وقد اكتسبت بذلك للأدب ميادين جديدة كانت محرمة.
وكان محور الرومانسية الاهتمام بالفرد وتقدير حقوقه لبناء مجتمع مثالي يقوم على المساواة والحرية والإخاء، وقد عبروا عن هذه الآمال الإنسانية من ثنايا التصوير لعواطفهم الفردية، فلم يكن هذا الأدب معزولاً عما يدور في المجتمع وبهذا فإن للرومانسية أثر عميق في دراسة العلماء للأدب فهو مذهب أدبي من أخطر ما عرفت الحياة الأدبية العالمية، سواء في فلسفته العاطفية أم في آثاره الأدبية فقد احتوت على بذور المذاهب الأدبية التي خلفتها.
وبرأيي : مذهب الرومانسية مذهب رائع يقرب القارئ إلى الشاعر ويعيش معه تجربته الشعورية، إلا أن كثرة الضجر والشكوى في شعرهم صرفتهم في كثير من مواقفهم إلى البكاء والإفراط في اعترافاتهم الشخصية مما طبع أدبهم بعد مدة بطابع الضعف، وقد كانت هذه ثغرة نفذ إليها أعداؤهم من دعاة المذاهب الأخرى.
والنفسي والطبيعي والنضالي على صعيد الأزمنة المختلفة، بغية قضية نبيلة، بل إنها تخلق التوازن بين التناقضات في زمن طغت فيه المادة على الروح، فهي فكرة جانحة للانعتاق من التقاليد الاجتماعية المكبلة بالقيود والقوانين المصطنعة نحو الانطلاق الروحي في جل الأشياء ببساطة ورقة وشفافية، لذا اخترت لتقريري موضوع"الأدب الرومانسي" .
وسوف أطرح في تقريري هذا: تعريف الرومانسية،العوامل التي أدت إلى ظهورها، عوامل انتقال الرومانسية إلى الوطن العربي، المدارس التي عززت هذا الأدب، بالإضافة إلى الفرق بين الرومانسية العربية والغربية، والقضايا التي تناولها هذا المذهب، وملامح المدرسة الرومانسية، وأخيراً مثال على الشعر الرومانسي.
ماهي الرومانسية؟
الرومانسية،الرومانطيقية، الرومانتيكية ،كلمات ثلاث يؤدين معنى واحداً، وينصرفن إلى ذلك المذهب الأدبي الذي ظهر في أوروبا- وبخاصة في فرنسا- بعد قرن ونصف من ظهور الكلاسيكية وذلك في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، والرومانسية يقابلها الواقع وهي مشتقة من رومانس ورومانسي، وهي شيوب العاطفة والاستسلام للمشاعر والاضطراب النفسي والفردية والذاتية بل هي عالم الخيال والحلم(1)، وقد عرفت الرومانسية "بالابتداعية أو الإبداعية" بسبب أنها تعد ابتداعاً في المذهب الكلاسيكي، وتقويضاً لمبادئه وأركانه (2) ، كما عرفت "بالمذهب التعبيري " ويراد به التعبير عن عواطف الأديب وعوالمه الذاتية(3).
ما العوامل التي أدت إلى ظهور الرومانسية؟
أن الشاب الفرنسي خرج من الثورة كئيباً، إذ لم يستطع نابليون أن يحقق أحلامه في إمبراطورية ضخمة، فسرى الشعور بالحزن عند الشعراء الفرنسيي(4).
اكتشاف شكسبير وتأثير أدبه الذي لم يتقيد بالوحدات الثلاث (وحدة الزمان والمكان والحدث) ولم يلتزم بمبدأ الفصل بين الأنواع التي كان اليونانيون والكلاسيكيون الجدد يتقيدون بها، بالإضافة إلى ما في أبده من قدرة على التحليل ووصف العواطف الإنسانية والأخلاق البشرية.
الرحلات والأسفار إلى عالم الشرق الساحر حيث أطلق خيال الأوربيين في الحلم بحياة خير من حياتهم المادية، فلقد كتب الرحالة عن حكمة المصريين، ووصفوا سحر بغداد، وأخبروا عن الهند، بما فيها من عادات وتقاليد غربية (5).
الرغبة في التخلص من سيطرة الآداب الإغريقية والرومانية والكلاسيكية وتقليدها ومحاكاتها والسعي لتحقيق الفرد وتحقيق وجوده بما يصوره من بواعثه النفسية وما يجلو من معاني الطبيعة من حوله (6).
(1) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير،ص19 ص20 إصدار اتحاد كتاب وأدباء الإمارات،1999 ، الطبعة الأولى www.rcenter.net/phpBB2/viewtopic.php?t=278 - 82k (2)
(3) http://adab.somee.com/dorouss_jaddida/10n.htm
(4) الأدب العربي الحديث في مصر، شوقي ضيف، ص60، إصدار دار المعارف، الطبعة الثالثة عشرة http://adab.somee.com/dorouss_jaddida/10n.htm(5)
(6) الأدب العربي الحديث في مصر،المرجع نفسه..(بتصرف)
عوامل انتقال الأثر الرومانسي إلى العالم العربي؟
ظهر الأدب الرومانسي في الوطن العربي في الربع الأول من القرن العشرين، وذلك لأسباب كثيرة منها:
المعاهد والكليات الأجنبية في الوطن العربي، مثل الجامعة اليسوعية في بيروت.
هجرة كثير من الأدباء العرب إلى أوروبا نظراً لسوء الحالة الاقتصادية.
سفر البعثات العربية إلى أوروبا لطلب العلم .
نشاط حركة الترجمة من الآداب الأوروبية إلى الأدب العربي مما أدى إلى إنشاء جيل من الأدباء العرب اختلطوا بأدباء الغرب وأسسوا جمعيات أدبية ظهر فيها هذا الأثر.
أن القالب الأدبي الكلاسيكي، لم يعد يحسن استيعاب مضامين العواطف الإنسانية الجديدة، وكذلك التطـور الســـياسي والاجتــماعي والفكـري (1)
وبتأثير ذلك ظهر الاتجاه الرومانسي في الأدب العربي الحديث، وكان أول من دعا إليه "خليل مطران".
المدارس التي عززت الاتجاه الرومانسي في الشعر العربي الحديث:
أولها: مدرسة شعراء الديوان-شكري والمازني والعقاد-، وقد دعوا إلى شعر الوجدان وأكدوا وحدة القصيدة.
ثانيتها: مدرسة أبولو التي كونها الشاعر الكبير الدكتور أبو شادي وقد دعا إلى الأصالة والفطرة الشعرية والعاطفة الصادقة.
ثالثتها: مدرسة المهجريين وقد أكدوا الدعوة إلى التجديد(2).
(1) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير، إصداراتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الطبعة الأولى 1999، ص27، (بتصرف)
(2) دراسات في الأدب العربي الحديث ومدارسه، د.محمد عبدالمنعم خفاجي،ج 1 ، دار الجيل بيروت، الطبعة الأولى، ص(41-42) (بتصرف)
بين الرومانسية الغربية والعربية:
1- الرومانسية الغربية كانت ذات رسالة تنطوي على"ثورة اجتماعية فنية"في مواجهة الكلاسيكية، وارتبط الدور الاجتماعي الآخذ بيد الفرد، والمبالغة في إظهار الذات بالعواطف، وتبدو نظرتهم للكون من حنايا الطبيعة إلى جانب النزعة الفلسفية.
2- الرومانسية العربية تحاكي الرومانسية الغربية بعدما أدت دورها، فاعتنت الرومانسية بالأمور الذاتية وتناولت اغتراب الإنسان العربي عن واقعه، وسيطرة جنسيات غربية عنه في وطنه، والتعبير عن موقف الرومانسية واحد، ألا وهو "العاطفة " التي تحمل المفارقات من ( الحزن- الألم- الاغتراب- الفراق- الهجر- النجوى-....). وفي سنة 1919م قامت ثورة مصر بقيادة سعد زغلول، فارتبطت الرومانسية بالحس الوطني الذي يقاوم الاستعمار (1)
القضايا الموضوعية التي تناولها الأدب الرومانسي :
1 ـ الدين: يلاحظ القارئ لأشعار الرومانسيين أنهم أكثر ميلاً إلى الدين من المذهب الكلاسيكي السابق، وهذا ما ينسجم وطابع التوجه العاطفي لديهم، فقد شدهم عالم الروح وغموضهِ وأسرارهِ.
2 ـ الطبيعة: مثل الميل إلى الطبيعة لدى الرومانسيين مرحلة حضارية جسدتها فكرة الثورة على القيود والتقاليد والظلم، وذلك منذ أن دعا "جان جاك روسو" إلى أن يتعلم الإنسان من الطبيعة مباشرة، وليس مما اعتاده الناس من مواصفات، وفي الغالب فإنهم يتناولون من الطبيعة مناظرها الكئيبة التي تتلاءم مع أحاسيسهم كالعواصف والقمر الشاحب والليالي المظلمة، والأمواج الهائجة، والرومانسيون لا يحبون الطبيعة فحسب، بل يعدونها صديقة لهم تشاركهم مشاركة روحية وقلبية.
(1) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير، إصداراتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الطبعة الأولى 1999،ص(20-21) ،بتصرف
3 ـ الحب والمرأة: تختلف نظرة الرومانسيين للحب والمرأة عن سابقيهم الكلاسيكيين الذين كانوا يصدرون عن طابع العقل، فينظرون إلى الحب على أنه نوع من الهوى، أما الرومانسيون فقد قادهم التوجه العاطفي إلى النظرة إلى الحب على أنه عاطفة ملهمة وفضيلة كبرى، ونتيجة لهذا ارتفعت مكانة المرأة لديهم فصارت ملاكاً نزل من السماء لينقي النفوس ويطهرها، ويقربها إلى الله، ولكن هذا كان يقترن في بعض الأحيان بالنظر إليها إلى أنها شيطان غاو وكائن خائن، خاصة لدى الشعراء الذين فشلوا في حبهم أو هجرتهم نساؤهم، أو خانتهم حبيباتهم (1).
ملامح وخصائص المدرسة الرومانسية:
غلبة الخيال والعاطفة.
التجديد والابتكار في الأسلوب والألفاظ.
الوحدة العضوية (الأفكار والعاطفة والموسيقى).
ظهور شخصية الشاعر ،فهي تعبير عن ذات الأديب ونوازعه (2)
اللغة فيها قريبة من لغة الحياة اليومية.
تعدد الأساليب، وتنويع القافية
يقل عند الرومانسيين تشخيصهم للمعاني المجردة(3).
(1) http://adab.somee.com/dorouss_jaddida/10n.htm(بتصرف)
(2) الاتجاه الرومانسي في شعر الإمارات، هلا عبداللطيف القصير، إصدار اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، الطبعة الأولى 1999، ص26
(3) الرومانتيكية، الدكتور محمد غنيمى هلال، إصدار نهضة مصر للنشر،ص 212 ص214
من أشعار المدرسة الرومانسية:
يقول أبو القاسم الشابي:
ها أنا ذاهب إلى الغاب يا شعبي
لأقضي الحياة وحدي بيأسي
ها أنا ذاهب إلى الغاب على
في صميم الغابات أدفن بؤسي
ثم أنساك ما استطعت فما أنت
بأهل لخمرتي ولكأسي
سوف أتلو على الطيور أناشيدي
وأفضي لها بأحزان نفسي
فهي تدري معنى الحياة وتدري
إن مجد النفوس يقظة حسي
ثم تحت الصنوبر الناضر الحلو
تحط السيول حفرة رمسي
وتظل الطيور تغلو على قبري
ويشدو النسيم فوقي بهمس
وتظل الفصول تمشي حوالي
كما كن في غضارة أمسي
فهو يهرب من الواقع الذي لا ينسجم ومثله وطموحاته، ويثور على المجتمع، ولكنها ثورة سلبية، ولهذا تراه يرتاح إلى العيش في الغاب بعيداً عن الظلم الاجتماعي، تطلعاً إلى الحرية والبراءة، وبحثاً عن القيم المفقودة في المجتمع، بل تشنيعاً بالبشر الذين لا يقدرون قيمة الشاعر ذي القلب النبوي، والروح العبقري.
إنه ارتياح إلى الطبيعة في هذه الحياة، حيث تظل رموز هذه الطبيعة من الصنوبر والسيول والطيور والنسيم، بل الفصول كلها تغني لهذا الزائر الذي أحبها وأفنى حياته فيها.
الخاتمة
وختاما..ً رأينا كيف قامت الثورة الرومانسية، فحلت محل الكلاسيكية في مختلف الميادين الأدبية، وقد اكتسبت بذلك للأدب ميادين جديدة كانت محرمة.
وكان محور الرومانسية الاهتمام بالفرد وتقدير حقوقه لبناء مجتمع مثالي يقوم على المساواة والحرية والإخاء، وقد عبروا عن هذه الآمال الإنسانية من ثنايا التصوير لعواطفهم الفردية، فلم يكن هذا الأدب معزولاً عما يدور في المجتمع وبهذا فإن للرومانسية أثر عميق في دراسة العلماء للأدب فهو مذهب أدبي من أخطر ما عرفت الحياة الأدبية العالمية، سواء في فلسفته العاطفية أم في آثاره الأدبية فقد احتوت على بذور المذاهب الأدبية التي خلفتها.
وبرأيي : مذهب الرومانسية مذهب رائع يقرب القارئ إلى الشاعر ويعيش معه تجربته الشعورية، إلا أن كثرة الضجر والشكوى في شعرهم صرفتهم في كثير من مواقفهم إلى البكاء والإفراط في اعترافاتهم الشخصية مما طبع أدبهم بعد مدة بطابع الضعف، وقد كانت هذه ثغرة نفذ إليها أعداؤهم من دعاة المذاهب الأخرى.
0 تعليقات
أهلا وسهلا ومرحبا بك في موقع تغطية مباشر : ضع ردا يعبر عن اناقة أخلاقك ، سنرد على اي استفسار نراه يحتاج الى اجابة ، ادعمنا برأيك وضع تعليقا للتشجيع ..