ميزة جدول التنقل

جدول التنقل

خطبة مكتوبة عن التسامح ( وجعل بينكم مودة ورحمة)


الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، البر الرحيم، يحب عباده المتسامحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير).
أيها المصلون: إن التسامح من القيم الإنسانية الراقية، والمبادئ الإسلامية الفاضلة، وحقيقته: حب الخير للناس، واحترامهم وتقديرهم، واللين في التعامل معهم، ومقابلتهم بالإحسان، ورؤية فضلهم وحسناتهم، والصفح عن أخطائهم وزلاتهم، قال الله تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم :( فاصفح الصفح الجميل). والعفو من معاني التسامح التي ينال صاحبها أجرا عظيما، قال سبحانه:( فمن عفا وأصلح فأجره على الله).
وإن للتسامح في المجتمع صورا عديدة، وأهمها ما يكون بين الزوجين من تعامل على أسس من التسامح والتغاضي عن الزلات، وإقالة العثرات، والمودة والألفة، واللين والرحمة، تحقيقا لقوله تعالى:( وجعل بينكم مودة ورحمة). حتى تصفو الحياة الزوجية، ويسعد أفراد الأسرة، ويكون الأبوان قدوة لأولادهم في التسامح وحسن التعامل، فينشأ أولادك أيها الأب الكريم والمربي الفاضل على التسامح فيما بينهم، واللين في معاملاتهم، والعفو عن أخطاء بعضهم بعضا، فينجحوا ويسعدوا في حياتهم، وإدارة أسرهم، ويكونوا متحابين مترابطين، فيما بينهم متآلفين، مهما واجهوا من تحديات، أو عصفت بهم خلافات، فإن التسامح يكون لهم رفيقا، والمحبة إلى الجنة طريقا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه :«أتحب الجنة؟». قال: نعم. قال:« فأحب لأخيك ما تحب لنفسك».
ومن صور التسامح ما يكون في المعاملات بين الناس، من بيع وشراء، وتجارة وقضاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى». وفي هذا الحديث الشريف: دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والبركة لمن تحلى بالتسامح وحسن المعاملة، ومعالي الأخلاق ومكارمها، في بيعه وشرائه، وطلب قضاء حقه، فمن أحب أن تناله بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فليكن سمحا.
فإذا رجوت الرحمة من ربك، وأردت البركة في كسبك، والسعة في رزقك؛ فكن متسامحا مع الآخرين في تعاملاتك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« اسمح يسمح لك». أي: عامل الخلق الذين هم عباد الله بالمسامحة، يعاملك سبحانه بمثله في الدنيا والآخرة.
وقال بعض الحكماء: أحسن إن أحببت أن يحسن الله إليك.
وكم في المجتمع من أناس هينين لينين متسامحين عاملوا الخلق بالإحسان ؛ فأحسن الله تعالى إليهم، وبارك لهم، ووسع أرزاقهم.
أيها المتسامحون: إن من صور التسامح وأكثرها انتشارا، تقدير الناس جميعا واحترامهم، واللين لهم، وتلك رحمة من الله تعالى يقذفها في قلوب من يشاء من عباده، قال سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم :(فبما رحمة من الله لنت لهم). ولما اشتكى رسولناصلى الله عليه وسلم  لربه عناد قومه قائلا:( يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون). أمره الله تعالى بالصفح عنهم، ومسالمتهم، فقال عز وجل:( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون). وذلك أمر الله أنزله إلى النبي  صلى الله عليه وسلم وقد أمركم سبحانه أن تقتدوا به، فكونوا متسامحين فيما بينكم، ومع غيركم، فإن التسامح والمعاملة بالحسنى واللين مبدأ إنساني وواجب شرعي يحترم كرامة الإنسان، فهو حق للناس جميعا على اختلاف أعراقهم وأنسابهم وألوانهم وأديانهم، قال تعالى:( ولقد كرمنا بني آدم). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الناس بنو آدم، وآدم من تراب».
ولقد عامل الإسلام غير المسلمين بتسامح ولين، وقرر مبدأ ( لا إكراه في الدين). ووضع أسسا من البر والإحسان في التعامل معهم، وقدم لنا صورة راقية تبين كيف يكون التعاون الإنساني القائم على التسامح واحترام حقوق الآخرين، وأثر ذلك في البناء الحضاري، حيث حرص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على توطيد العلاقات بين المسلمين وبين غيرهم من سكان المدينة على أساس من التسامح، فكانت وثيقة المدينة خير دليل على ذلك. وقد أمرنا أن نتعامل بالعدل والإنصاف فيما بيننا ومع غيرنا؛ فقال عز وجل:( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).
فاللهم زدنا تسامحا، ومحبة وتآلفا، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل.
أيها المصلون: إن التسامح قيمة عظيمة، تؤلف بين الناس، وتقرب بين الشعوب، فيتعاونوا ويتعارفوا، وذلك مطلب شرعي، قال تعالى:( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).
والتسامح يغرس المحبة في النفوس، ويحول الخصومة إلى مودة، والعداوة إلى محبة، قال تعالى:( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
وإن دولة الإمارات حاضنة لقيم التسامح والسلم والتعددية الثقافية، وكفلت قوانينها للجميع الاحترام والتقدير، وعدم التمييز، وأنشأت وزارة للتسامح لتعزيز هذه الثقافة على مر الأجيال، وهذا انعكاس لما يتحلى به شعب الإمارات من قيم الإسلام الحنيف، والعادات العربية الأصيلة.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا».
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم إنك قد مننت علينا بوطن التسامح؛ فاجعل العفو شيمتنا، والتسامح خلقنا، والتراحم سلوكنا، والعطاء دأبنا.
اللهم زدنا سعادة وطمأنينة وهناء؛ وأدم السعادة على وطننا وبيوتنا وعلى أهلينا وأرحامنا.

إرسال تعليق

0 تعليقات