ميزة جدول التنقل

جدول التنقل

"قايتباي".. سبيل ماء المسجد الأقصى

﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)﴾.

من سورة "الإنسان"، في كتاب الله، نقشت هذه الآيات على الواجهة الجنوبية لسبيل الماء الذي أعد ليسقي العطاش من رواد المسجد في سالف الزمان وفي قادمه أيضاً.
Quds5
أنشأ هذا السبيل المبارك "الملك الأشرف إينال"، ثم جدده "سلطان الإسلام والمسلمين الملك الأشرف أبو النصر قايتباي" في شهر شوال المبارك سنة 887 للهجرة، ثم جدده الخليفة السلطان الغازي عبد الحميد خان ابن السلطان الغازي عبد المجيد خان من آل عثمان، في شهر رجب سنة 1300 للهجرة.
ونقشت هذه المعلومات أعلاه على كل من أوجه السبيل الشرقية والشمالية، ليمثل هذا المبنى المعماري، فضلاً عن كونه سبيل ماء، صفحة مقتطعة من كتاب تاريخ المكان بحد ذاته، مفسراً لذاته، مفنداً كل رواية أخرى حوله. وكل من يدخل ساحة المسجد من باب الناظر لن تغفل عينه عن هيئة السبيل الشاخصة في الساحة الشاسعة، وقبته ذات الزخارف النباتية التي لن تجد لها مثيلاً في سائر فلسطين، وحجارته الملونة المتداخلة في بنائه، والارتفاع الأنيق فوق أرضية المسجد، والوظيفة النبيلة التي أقيم لها.
Quds3
وقد أتم بناء هذا السبيل، بأمرٍ من السلطان قايتباي (860هـ)، ثم قام بتجديده مرة أخرى عام 887هـ/1482م، بعد تهدّمه، وعرف باسمه، وأعاد تجديده السلطان العثماني عبد المجيد الثاني 1330هـ/1912م.
ولك أن تتخيل من أي باب شئت أن تدخل إلى قلب المسجد الأقصى المبارك، ولكن الخيالات كلها تستقر عند باب المطهرة إذا ما شئت أن ترى سبيلاً للماء، تقع تحته بئر كبيرة، تمتد حتى ما تحت الرواق الغربي للمسجد الأقصى، بطول 28 متراً، وعرض 6 أمتار، بعمق 11 متراً ونصف، إذ يقع السبيل في الساحات الغربية للمسجد، وقد بني فوق الطرف الشمالي الغربي لمصطبة واسعة تحمل الاسم نفسه، ولها محراب في الجهة الجنوبية.
Quds2
ولكن الحال لا يمكن أن يبقى كما هو، فهناك من بنى، وهناك من هدم لأجل بناء أفضل، وهناك من رمم، وهناك من يحفر بغية ألا يبقى للفن المعماري الإسلامي شيء، ويسعى لمحو هوية المكان الدينية والثقافية. فقد تم اكتشاف حفريات قامت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1981، والتي تمتد من الغرب حتى الشرق تحت باب المطهرة، وتنفذ إلى البئر، بامتداد أكثر من 25م داخل باحات المسجد، ولا تفصلها إلا أمتار قليلة عن مسجد قبة الصخرة المشرفة.
وبعد كشف بعض الجهات عن هذه الحفريات، اضطرت السلطات الإسرائيلية إلى التوقف عن الحفر في هذه البقعة، وتحوّلت إلى وجهات أخرى. وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على بدء الحفريات يزداد الوضع سوءاً تحت ساحات المسجد الأقصى. فعلى الرغم من أن الحفريات لم تطل هذا السبيل، هددت بالمقابل كل أساسات المسجد وساحاته وشجراته، لكن أحداً لم يعد ينتبه، لا للبناء ولا للهدم ولا للترميم.
Quds4


Quds1

إرسال تعليق

0 تعليقات